مرتبة الشغف (الجزء الثاني)

بعد التخرج بفترة بسيطة كنت مصممة على اكمال المسيرة في تخصصي تخصص اللغة الإنجليزية، اشتعلت حماسًا وزادت رغبتي أكثر في الحصول على وظيفة بمرور الأيام. بين الحين والآخر تراودني فكرة أني سأصبح عاطلة مثل معظم البنات حولي، ومع مرور الوقت بدأت تتأكد شكوكي وخاصة أنّي لم أتلقَ أي رد لا من جهة حكومية ولا من عشرات الشركات التي قدمت عليها رغبة في الحصول على وظيفة والغريب كنت أجزع واستغرب من عدم الرد، مع العلم أن سيرتي الذاتية كانت أبعد ما يكون عن المؤهلات والمهارات المطلوبة للوظيفة. مرة من المرات أرسلت سيرتي الذاتية لوظيفة "موارد بشرية" وأعمالي المذكورة في السيرة كانت جميعها في تدريس اللغة الانجليزية فقط، واعتذر للمسؤول الذي قرأ سيرتي عن قلة خبرتي وثقتي العالية . شعرت أن هناك مشكلة لا أحد يرد! وبالفعل كان لدي مشكلة أن سيرتي الذاتية تجمع من كل بحر قطرة. كل وظيفة تتطلب سيرة ذاتية مختلفة وكل صاحب عمل ليس لديه الوقت الكافي لقراءة سيرتك الذاتية كلها, فيجب عليك في هذه الحالة تحديد الوظيفة المطلوبة والبحث عن مهاراتها المطلوبة واتقانها إما بشهادة أو بخبرة، وهذا ما عملت عليه في نهاية الأمر. بدأ توتري يزداد وبدأت بإلقاء اللوم على الجميع وعلى المسؤولين لأنهم خدعوا الشباب بخطاباتهم الرنانة في دعم الشباب وتمكين الشباب والحقيقة عكس ذلك. بالطبع يتحمل المسؤولون جزء من البطالة ولكن الجزء الأكبر يقع على الباحث عن عمل؛ لأن كثرة إلقاء اللوم لن تجدي نفعاً. مرت تلك الأيام بتثاقل، شعرت بعد كل ذلك الصخب في الجامعة بأني عالقة في دائرة خواء مفرغة من كل شيء إلا الملل. كل ذلك حدث أثناء العطلة الصيفية التي تلت تخرجي مباشرة، وبطبيعة الإجازات الصيفية تقل الإعلانات الوظيفية فيها وهذه حقيقة أدركتها مؤخرًا، فإذا كنت خريج لا تجزع مثلي! أثناء ذلك التشتت قررت دراسة الماجستير ليس رغبةً فيه ولكن كان الخيار المتاح الأمامي فقط، وهذا من أسوء أنواع القرارات التي يتخذها الإنسان والذي ينطبق عليه المثل " مُكره أخاك لا بطل" وبناءًا على هذا القرار اختبرت الآيلتس واحرزت درجة غير مرضية لي واختبرت قدرات الجامعيين واحرزت أيضًا درجة غير مرضية ولكن هذه طبيعة العمل أوالدراسة بدون دافع أو رغبة ملحة في الشيء الذي يطمح له الشخص، دائمًا ما تكون نتائجه غير مرضية وقد تكون سيئة أحيانًا.


 جزء كبير مني يعشق العمل والوظائف وتجربة شيء جديد ومختلف غير الانغماس في الدراسة والواجبات مرة أخرى. اقتربت بداية العام الدراسي وكنت أتصفح الإنستقرام ورأيت إعلان وظيفي لوظيفة إدارية في عمادة خدمة المجتمع التابعة للجامعة، أرسلت سيرتي الذاتية باللغتين العربية  والإنجليزية، وبالحديث عن السير الذاتية، أهم ما يميزك كخريج لغة إنجليزية هو أن تكون لديك سيرة بالإنجليزية حتى تثبت مدى قوة لغتك وتمكنك منها. بعد مرور يومين تقريبًا تلقيت اتصال من موظفة العمادة، تخبرني بأن الوظيفة لم تعد شاغرة ولكن هناك إمكانية للعمل كمدربة لغة إنجليزية في العمادة. شعرت حينها بأن الخير قادم، لأنه ولأول مرة تنفك عقدة تجاهل أصحاب العمل لي وأتلقى اتصال بخصوص وظيفة. كنت أثناء تلك الفترة على يقين كامل بأنه سيتم الالتفات لي وأضع في بالي دائمًا تجربتي في الجامعة من تجاهل وفشل وتخبط ولكن في النهاية تغير كل شيء للأفضل . انتظرت فترة ما يقارب الشهرين، وخلال تلك الفترة قدمت على وظيفة مترجمة في مستشفى القوات المسلحة وترشحت لدخول المقابلة والاختبار. ذلك اليوم كان أشبه بدخول ثكنة عسكرية، الجميع بأسلحتهم من رأسهم إلى أخمص أقدامهم، أحد العساكر كان يحمل رشاش في يده ومسدس آخر مربوط بساقه! شعرت ولوهلة بأني في أحد الأفلام الحربية وسيكون هناك إطلاق نار وقتلى وجرحى. قلت لنفسي سأكون سعيدة عندما لا أحصل على هذه الوظيفة، ولكن لا يوجد وقت للتراجع والاستسلام. بدئوا بتوزيع أوراق الاختبار وكانت سهلة من قواعد اللغة الإنجليزية ومصطلحات طبية ومعانيها. تمكنت من حل معظم الأسئلة، لأني شعرت بأنه سيتم ترشيحي وتجهزت للاختبار عن طريق حفظ مصطلحات طبية واسم كل طبيب وأقسام المستشفى وغيره من المواضيع المتعلقة بالترجمة الطبية. بعد الاختبار بساعتين تقريبًا، بدأت المقابلات وكانت أول مقابلة أخضع لها في حياتي. شعرت بربكة شديدة وخوف، لأن غرفة المقابلة كانت ممتلئة عن بكرة أبيها بالعساكر والأطباء! ما يقارب إحدى عشر شخص. كان من الأفضل أن يكون هناك اثنين أو ثلاثة وخاصة أن معظم الموجودين لم يسألوا أي سؤال. بدأت المقابلة بالسؤال المعتاد، حدثينا عن نفسك؟ تكلمت عن نفسي وتخصصي وتاريخ تخرجي ومدى اهتمامي بالترجمة وخصوصًا ترجمة مقاطع اليوتيوب. ذكرت أيضا بأني أحب الترجمة الفورية وكنت في الجامعة أترجم لأعضاء هيئة التدريس. سؤال حدثنا عن نفسك يمكن أن يكون فخ للشخص الذي تتم مقابلته، إذا كانت الوظيفة وظيفة تدريس مثلًا عرّف نفسك وتحدث عن مدى اهتمامك بالتدريس وإذا كانت وظيفة ترجمة عرّف عن نفسك أيضًا  وتحدث عن مدى اهتمامك بالترجمة وقس عليه جميع الوظائف الأخرى ؛لأن صاحب العمل لن يكون مهتم باهتماماتك وهوايتك الأخرى بقدر ماذا ستقدم له وما مدى رغبتك بالوظيفة وهذا سيظهر جليًا عند حديثك عن نفسك . إحدى المختبرات معي تحدثت عن نفسها وذكرت اسمها وعمرها وتاريخ ميلادها وهذه المعلومات موجود أمامهم في السيرة الذاتية فلا يوجد أي داعي من ذكر بعض التفاصيل التي لن تضيف لك ولن تميزك عن جميع المختبرين الآخرين. طلبوا مني في السؤال الثاني ترجمة كلام طبيب للغة العربية واستطعت ترجمته بسهولة وانتهت المقابلة. أجريت هذه المقابلة في أكتوبر 2018 ولم أتلق رد بالقبول أو الرفض حتى هذه اللحظة ولكن شعرت بأن رهبة المقابلات زالت عني.



لم أنسَ رغبتي في تدريس اللغة الإنجليزية وكان قد مر شهر على مكالمة عمادة خدمة المجتمع لي. في ليلة من الليالي كتبت في التويتر "حان وقت كسر الأبواب وليس طرقها" كنت غاضبة. شعور الغضب رائع أحيانًا، يعتبر محطة مراجعة لنفسك وماذا تريد أن تفعل في هذا العالم. العقاد كان ينفعل ويغضب وبعدها يراجع نفسه، بعكس الناس اللذين يأجلون ويكتمون مشاعرهم حتى تتمكن منهم. لا تفكر بالطبع في تقليد انفعالات العقاد فهو شخص عصبي وحاد الطباع وغاضب طوال الوقت ولم يسلم منه أحد في المجال الأدبي. في مرة من المرات عرضت جامعة ما  على العقاد شهادة الدكتوراه الفخرية ورفضها وصب جام غضبه عليهم ، لأنه ببساطة يرى أنه لا فائدة من الشهادات!  في اليوم الثاني جهزت سيرتي الذاتية وذهبت لعميدة إحدى الكليات وقابلتها وقدمت سيرتي لها، أعجبتها كثيرًا ولكن شرحت لي صعوبة الحصول على عمل إداري في الكلية. في اليوم التالي، ذهبت لعمادة خدمة المجتمع وقابلت المسؤولة وذكرت لها أنهم تواصلوا معي قبل شهر ولم يتواصلوا معي مرة أخرى وأريد الاستفسار عن إمكانية قبولي كمدربة لغة إنجليزية. أخبرتني أني على رأس القائمة ولكن لم يكتمل عدد المتقدمات للدورة بعد. في اليوم التالي تواصل معي وكيل العمادة وأجرى معي مقابلة على الهاتف وأخبرني بأنه بإمكاني بدأ العمل من الأسبوع القادم. جعلت من نفسي "نُشبة" وفي اللغة العربية الفصحى يقال رجلٌ نُشَبَة : أي إِذا نَشِب في أَمرٍ لم يكد ينحلُّ عنه! ولم أنحلّ عنهم حتى تمكنت من الحصول على عمل. بدأت العمل كدوام صباحي وانصدمت أن عدد المتدربات 4 فقط! أخبروني بأن الجميع يفضل الدوام المسائي ولكن كانت رغبتي أنا بالدوام الصباحي. أُحبطت كثيرًا وخصوصاً أنه أمر سعيت له كثيرًا. سرعان ما رضخت للأمر وبدأت الدوام المسائي. زاد العدد وبدأت في التدريس وظهرت لي مشكلة أخرى، الفروق الفردية بين المتدربات والبعض مستواه مبتدئ جدًا ومستوى الشرح والدروس الذي عملت عليه متقدم قليلاً و لا يناسب مستواهن. حاولت قدر المستطاع التخفيف من الصعوبة والتعلم عن طريق التلقين السمعي والفيديوهات وخلق مواقف في المطعم و المطار والمستشفى لتحقيق أكبر استفادة قصوى. البعض أحرز تقدم بسيط وكنت كل مرة أخبرهن بأن عملية التعلم مشتركة بين المعلم والطالب وخصوصًا في تعلم اللغات، فلا يعقل أن يعتمد متعلم لغة ما على ما يتعلمه في المعهد أو الجامعة فقط. الخبرة تصنع الفرق وبدأت نوعًا بتقبل شرط وجود خبرة في العمل في الإعلانات الوظيفية لدورها الكبير في معرفة دهاليز ومتطلبات العمل .تجربة التدريس أوضحت لي أنه ليس الطريق المناسب لي، ولو لم يأت منها إلا إنها علمتني أن أبحث عن نفسي في مكان وعمل آخر لكفاها. أثناء تجربة التدريس كان يداهمني بين الحين والآخر شعور بالتقصير والندم ولكن كان يرن في أذني كلمات أحمد خالد توفيق "لو لم أجازف وأقترب كنت سأظل أعتقد بأن شيئًا جميلاً قد فاتني." تركت التدريس والعمادة ولكن ممتنة لهم حتى هذه اللحظة لكونهم منحوني أول فرصة عمل حقيقية في حياتي.


أثناء تدريسي في العمادة أقيم حفل افتتاح للمركز، وكُنّا بحاجة لتصميم فيديو موشن جرافيك. تواصلت مع أحد الشركات ووافقوا على تصميمه ولكن علينا كتابة النص. في وسط المحادثة تذكرت محاولاتي الحثيثة للعمل ككاتبة محتوى أثناء العطل الصيفية ولكن كل مرة يتم رفضي وعدم قبولي بحجة عدم تفرغي ولكوني طالبة. أخبرتهم بأني سأكتب لهم النص ويتم خصمه من القيمة الإجمالية واقتنصت الفرصة بسؤالهم عن وجود شاغر وظيفي للعمل معهم، رحبوا بالفكرة وطلبوا مني التقديم بشكل رسمي على الإيميل. انتظرت بضعة أيام ولم أتلق رد، راسلتهم واخبروني أن هناك ستة متقدمين وسيتم اختيار ثلاثة منهم. طبيعة وظائف كتابة المحتوى تتطلب أن يكون لديك نماذج من أعمالك وكانت النماذج التي لدي ثلاثة مقالات كتبتها في مدونتي. لا يوجد لدي نص ولا سيناريو ولا تغريدات تسويقية أو تثقيفية بإمكانها رفع نسب قبولي لدى الشركة. اتخذت أسلوب "النشبة" مرة أخرى وراسلت صاحب العمل "لماذا لا يتم تجربة كتاباتي ثم الحكم عليها؟" وبعد إلحاح رد علي: "الصراحة ودي أجرب كتاباتك" طلب مني كتابة سيناريو لفيديو وسيتم تقييمه والرد علي لاحقًا. انتظرت يوم تقريبًا وأخبرني بأن السيناريو رائع وسأنضم للشركة ككاتبة محتوى. بدأت العمل بمقابل بسيط في الكتابة والترجمة البسيطة ولكن مدير الشركة عرفني على عملاء آخرين وبدأ عملي ينتقل بين أكثر من عميل إلى أن اشتد عودي وبدأت أفهم أكثر دهاليز وخبايا عمل كاتب المحتوى. عملت معه 4 أشهر ولكن تعلمت منه الكثير، منحته لقب "مانح الفرص." كثير من الأمور في حياتي أحب أن أطلق عليها مسميات حتى أعرف أتعامل معها، كيف ستكون حياتنا لو كنا بدون أسماء؟ لذلك وصفي له بمانح الفرص يجعلني أظل ممتنة له دائماً. عملي معه كان يقوم على "الفري لانسق" أو "العمل المستقل" وفيه أتقاضى أجر على كل عمل أقوم به وليس راتب ثابت. العمل المستقل أو الحر توجه عالمي لتعدد الفرص وتنوع المجالات الوظيفية فيه ولكن يحتاج إلى مجهود كبير لإثبات نفسك وذاتك ولإقناع الشركات فيك. وظائف الترجمة والتصميم والكتابة والبرمجة وتطوير المواقع من أهم المجالات الوظيفية عن طريق الإنترنت، ولكن ليست وحدها بالطبع إذا كنت تتقن مهارة أو ترغب في اتقانها وتعرف أنه يمكنك الاستفادة منها عن طريق الإنترنت، ماذا تنتظر؟ العالم بحاجة إلى أشخاص يتقاضون مال أقل من مكاتب الترجمة وشركات التصميم وتطوير التطبيقات. الأهم ما يميزك كعامل مستقل وجود نماذج من أعمالك سواء كنت مصمم انفوجرافيك أو موشن جرافيك أو مترجم، فلا تستسخر جزء من وقتك لإثبات مهارتك ومدى جودة عملك لإقناع العميل فيك. ربما تقابل بالرفض مرات عديدة ولكن إذا كنت صاحب عزيمة وهدف ستحصل على مرادك حتى لو بعد حين. العمل عن بعد توجه لكثير من الشركات الحالية في السعودية ومن أهم تلك المنصات أو المواقع موقع "صلة" وموقع "بحر" وجميعهما تابعان لوزارة العمل. موقع صلة تتعدد الوظائف فيه من وظيفة إدخال بيانات وتصميم  وخدمة عملاء وتصل الرواتب فيه أحيانًا إلى 5آلاف وأنت تعمل من المنزل! فيعتبر دخل ممتاز لشخص لا يحتاج مواصلات وتنقلات. الموقع الثاني موقع "بحر" وهو من أكبر المواقع التي تجمع المستقلين في السعودية. تنوع الوظائف والأعمال المطلوبة مذهل، حتى تجد فيه أحيانًا طلبات تصميم داخلي وتفريغ مقاطع صوت وترجمتها بين اللغتين العربية والإنجليزية. يكتب صاحب العمل متطلبات المشروع والميزانية المحددة ومن ثم يتلقى عروض من المستقلين في الموقع وبناءً على العروض يختار الانسب للعمل معه. أكثر ما أعجبني في هذا الموقع ربط حسابك فيه بحسابك في أبشر تفاديًا للنصب والاحتيال. جربت  التسجيل فيه قبل أيام وبدأت بتقديم عروض للعمل ولا زلت أنتظر حتى هذه اللحظة اقتناص فرصة عمل فيه. من المواقع والمنصات العالمية أيضًا موقع Appen  وهو من أكبر الشركات والمواقع العالمية التي تجمع المستقلين وتتوفر لهم فروع في أمريكا وأستراليا سجلت فيه بعد أن رأيت إعلان عن حاجتهم لسعوديين لتنصيص مقاطع فيديو باللهجة السعودية وتفريغها في ملفات مكتوبة للاستفادة منها في دراسات ما ،وبالطبع يُدفع لك ما يقارب 7 دولار في الساعة أي ما يعادل 27 ريال سعودي  . سجلت فيه ونسيت أمره ولكن بعد ما يقارب الخمسة أشهر تلقيت رد منهم بقبولي في العمل ولكن يجب علي تأدية اختبار بسيط للتأكد من مدى اتقاني للهجة السعودية، لم أهتم كثيرًا بالعمل معهم لانشغالي في كتابة وإدارة محتوى لحسابات في مواقع التواصل وفضلّت التركيز على عملي. موقع "Appen"  يحتوي على العديد من الفرص الوظيفية للعمل عن بعد كالترجمة والتنصيص وإدارة حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، سجّل بياناتك في الموقع ومن ثم انتقل لصفحة الوظائف واختر ما يناسبك وانتظر منهم العرض الوظيفي. هذا الموقع يتطلب لغة إنجليزية من متوسطة إلى ممتازة، لذا تطويرك وتقويتك للغتك الإنجليزية يفتح لك فرص وظيفية وعملية أكثر والأهم من هذا كله أن تثبت قوة لغتك بالخضوع لاختبار الآيلتس.


تركت التدريس في إبريل ، كنت في مرحلة تخبط ولا أعلم أي طريق أسلك، انتهى حلم التدريس بمعرفتي أنه لا يناسبني وتبخرت الرغبة في الماجستير فور اقتناعي بأنه ليس الطريق الذي أود أن أسلكه. لا أريد أن أدرس مجددًا وأغوص مرة أخرى في الكتب والأوراق والبحث، أحب الوظائف والعمل الذي يضمن لي إنتاجية مستمرة وكنت أضع في بالي معادلة اخترعتها "أنا أٌنتج إذًا أنا أعمل" كل عمل يضمن لي إنتاجية وتطور هو عمل حقيقي و ماعدا ذلك لا أستطيع تسميته عمل. بدأت بالبحث مجددًا عن وظيفة عن بعد في مجال كتابة المحتوى ووجدت وظيفة في شركتين من أشهر الشركات في الإنتاج الإعلامي في الرياض وتواصلوا معي للحضور للمقابلة، اعتذرت منهم وحاولت إقناعهم بالعمل عن بعد ولكن أصروا على موقفهم.


كنت أريد تطوير نفسي في مجالي ولم أكن أعلم ماذا أفعل وماهي المهارات والدورات المطلوبة للتمكن ولو بشيء بسيط من مجالي. وما حدث بعدها يقنعني أن الحياة تجاريك إذا عزمت على أمر ما ويضع الله في طريقك كل السبل للوصول له. كنت كعادتي أتصفح التويتر ومن سير حياتي "تويتر" هو مصباح علاء الدين بالنسبة لي، رأيت إعلان لمنتدى مسك للإعلام وسجلت بياناتي وبعد يومين قُبلت فيه! بهذه السرعة؟ ولم أكن أتوقع ولو بنسبة ضئيلة أنه سيتم قبولي. بحثت في التويتر وقرأت تغريدات من أشخاص لهم سنين طويلة في المجال الإعلامي ولم تصلهم رسالة القبول. اعتذرت إدارة مسك بسبب خلل حدث في النظام، ولأول مرة في حياتي تنطبق علي مقولة " حظ يكسر الصخر"  وليس الحظ وحده كان السبب، أتذكر قرأت مقولة علقت في ذهني كثيرًا ولا اتذكر كلماتها بالضبط ولكن تقول فيما معناها " أنا أؤمن بالحظ وهذا يعني أنا كلما بذلت مجهود أكثر كلما ازدادت حظوظي" الحظ لم يكن وحده السبب، كنت أرغب بتطوير نفسي ثم قدمت وسجلت في الموقع ومن ثم حصلت على فرصة الذهاب وحضور المنتدى ولا أؤمن بوجود الصُدف؛ لأن كل شيء يحدث بسبب ولسبب. سافرت للرياض وقطعت 700 كيلو لأجله وبالفعل كان الأمر يستحق العناء ويوم من أيام العمر التي أتمنى من أعماق قلبي أن أعيشها مرة أخرى. حضرت عدد من  ورش العمل في جميع مجالات الإعلام ومن ضمنها كتابة المحتوى التسويقي والإبداعي وتعلمت في ساعات قليلة أكثر من ما سأتعلمه خلال أشهر لو بقيت ولم انتهز فرصة التسجيل. رأيت عدد كبير من المذيعين والإعلاميين المخضرمين ومن صناع المحتوى المعروفين في مواقع التواصل الاجتماعي واستمعت لأحاديثهم عن قرب.. كل هذا كان مجاني ولـ3 آلاف شخص من جميع أنحاء العالم والإفطار والغداء أيضًا كانا بالمجان أيضًا . المضحك في الأمر أنني دخلت قاعة الطعام وأخرجت محفظتي للدفع ولكن رأيت الجميع يدخل ويخرج من دون أن يدفع وأنا واقفة في المنتصف وبيدي 100 ريال! أدين لمسك الكثير لأن انطلاقتي الحقيقية في مجال الكتابة كانت منهم وخلال ذلك اليوم عرفت أن هذه المجال هو المجال الذي أريد أن أعمل فيه. الجميع أتى بدافع الشغف والحب والرغبة في الاستزادة. معظم الحاضرين كانوا يُحمّلون أنفسهم مسؤولية جعل عالم التواصل الاجتماعي أفضل ،فمعظم من كانوا موجودين ذلك اليوم من خيرة ما أظهرت لنا مواقع التواصل. لم تتم دعوة مشاهير "قولدن براون" ولا "جولي شيك" فالجميع ينشر الغث والسمين ومعظم ما ينشر في قنوات التواصل هو حديث نفس أحدهم.


 وأنا في الطريق متجهة للرياض تصفحت تطبيق Vox cinema  اخترت أحد الأفلام ومن ثم اتجهت لصفحة المقاعد وتبقى مقعدين فقط! حجزتهم ودفعت وأنا مذهولة! لا أصدق ما حصل ؛ كنت أحلم من صغري بالسينما والشاشة الكبيرة والفشار وتحقق. جميع قرارات الدولة الاخيرة رائعة بالطبع ومن كنت أشد المطالبين بها ولكن لم تمسني شخصيًا مثل قرار فتح سينما في المملكة العربية السعودية. الأفلام حياة، مشهد أو حوار يخلق فينا شعور ويزرع شعور آخر، وبعض الحوارات تعتقد أنها كتبت لك أنت فقط! وكأنها إشارة لك من بين الملايين من المشاهدين. تجاهلوا من يقول أن الأفلام مضيعة للوقت، بإمكاننا أن نحصل على معرفة وعلى خبرة وعيش حياة شخص آخر من مشاهدة فلم فقط. عمر الـ24 عمر تحقيق الأحلام بالنسبة لي ، حصلت على وثيقة التخرج في هذا العمر ودخلت السينما لأول مرة في حياتي. البعض يمكن أن يستخف بهذا الحلم، ولكن ممتنة لهوليوود وللأفلام والسينما على الإلهام والمتعة والفكر والحوارات العميقة. عند حجزك للفلم يرسلون رسالة " أنت ذاهب للسينما!" تملكني شعورًا غريبًا جدًا، شعور تحقيق حلم الطفولة والمراهقة، تمت مكافـأتي وأخيرًا! الشعور الأعظم كان عند دخولي لقاعة السينما وبيدي علبة الفشار، شعرت بأن شاشة السينما الكبيرة والمقاعد الملونة يرحبون بي وبقدومي. احلموا بالحصول على شهادات ودرّاجة مثلًا، احلموا بالحصول على وظيفة وتجربة لعبة ما. الأحلام هي أحلام سواء كبرت أو صغرت ولا أحد يمكنه أن يحدد نوعية أحلامك. لمن لا يعرفني، أعيش في محافظة تفتقر لكثير من الخدمات والترفيه ولكن عندما أُفكر بأني انظلمت بموقعي الجغرافي، أتخيل نفسي محرومة من حميمية المدن الصغيرة، من المشي حافية الأقدام على التراب، من رائحة المزارع ومن صوت الماكينة والماء والأهم من هذا كله لن كنت سأنحرم من شعور الدهشة ومن كوني شخصية بسيطة. الدهشة شعور استثنائي ومخيف أحيانًا، في عمر الـ 16 دخلت مركز تسوق كبير "الحياة مول"  ولأول مرة في حياتي أتواجد في مركز تسوق ضخم ، تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "التطاول في البنيان" وعرفت أن القيامة ستقوم قريبًا، ألم أخبركم عن الدهشة؟ ولكن بعد مئات الزيارات لمراكز التسوق أيقنت بأنها خطة ماسونية للقضاء على الناس وتضييع أوقاتهم بالانتقال من طابق لآخر ومن محل لمحل وكأننا في ماراثون لا ينتهي . لا يمكن أن أقضي أكثر من ساعة في مركز تجاري، الضجيج وصراخ الأطفال وحالات الإغماء والنحيب لشراء بالونة أو لعبة ، مناظر تسبب لي صداع وعدم تركيز والغريب أواجه صعوبة في النوم بعد العودة من التسوق!


بعد عودتي من السفر، كنت أخوض محادثة مع صديقتي في الواتس آب وأخبرتها أني لا أزال مصدومة من رغبتي في ترك تدريس اللغة الإنجليزية بعد أن كان شغفي الأول والأخير. سجلت صوتي لها وقلت "سأستمر في البحث عن شغف وشيء يلهمني للعمل" بعد فترة أرسلت لي صورة إعلان لشركة تطلب كُتّاب محتوى وكتبت " لا أعلم إن كان هذا من ضمن رحلتك للبحث عن شغف" شكرتها  وقدمت على الشركة على حسابهم في التويتر ولكن ردوا أيضًا بأنها ليست عن بعد! شعرت بالغضب والإحباط مرة أخرى، وعندما أغضب يأتي بعد غضبي عاصفة ولكنها من ورد. بعد كل تلك المحاولات في البحث عن وظائف ، تطورت مهاراتي وزادت خبرتي في استخدام أسلوب " النشبة" بحثت عن الشركة وعرفت اسم المدير التنفيذي لها وراسلتها وكتبت نبذة عن نفسي وعن مهاراتي ووضحت لها رغبتي الشديدة في  العمل معهم عن بعد وطلبت منها بريدها الإلكتروني الشخصي لإرسال سيرتي الذاتية. أرسلت لها يوم الأربعاء ويوم الخميس قرابة الساعة الخامسة، تلقيت اتصال من مديرة مشاريع  في مواقع التواصل الاجتماعي في  الشركة تخبرني بأن سيرتي الذاتية أعجبتها ونماذج أعمالي وكتاباتي وتريد مني بدء العمل معهم فورًا براتب شهري!  سألتني هل أنت موافقة على العرض؟ سكت لوهلة وقلت: نعم أكيد! بحثت عن اسم الشركة مجددًا للتأكد من مصداقيتهم لعدم استيعابي لسرعة  قبولي وانضمامي لهم وبالفعل تأكدت من مصداقيتهم وعرفت بأن الشركة معروفة في مجال صناعة المحتوى والإنتاج الإعلامي. أثناء حديثي مع مديرة المشروع أخبرتني بانها تبحث عن باحثة وكاتبة في نفس الوقت ومن قرأ تدوينة "مرتبة الشغف" الجزء الأول يعرف أني حصلت على ثلاث جوائزبحثية في الجامعة وبالطبع ساعدتني كثيرًا في حصولي على هذه الوظيفة.أردت اخبار صديقتي بقبولي في الوظيفة ولكن لا أريد إخبارها بشكل عادي، أردت مفاجأتها بالأمر. مرّت الأيام والأسابيع وأنا أكتب وأكتب طوال اليوم. عملت مع فريق نسائي واحترافي من الدرجة الأولى وتطورت كثيرًا معهم، فمن يتخيل أنه يوم من الأيام سأعمل وأجيد استخدام "الأكسل" عدوي اللدود منذ أيام الجامعة؟ عانيت معاناة شديدة جدًا في تعلمه ولم أهنأ بنومة متواصلة وخالية من كوابيسه إلا بعد أن تعلمت استخدامه. كتبت نصوص وسيناريوهات ومئات التغريدات حتى شعرت بأني أحتاج إجازة، فعقلي توقف عن اقتناص وانتاج أفكار جديدة. لم أخرج ولا لمرة في حياتي خارج المملكة العربية السعودية، لم أرد السفر إلا لأمريكا، البلد الذي أحبه كثيرًا منذ الصغر وحتى الآن. بالحديث عن أمريكا كنت في زيارة لأقاربي وكان معهم ولد من أقاربهم  شرس وعدواني ولم يسلم أحد من شره، ومن شدة تولعي بأمريكا قلت له أنا من أمريكا وأجيد الكاراتيه إذا لم تبتعد سأضربك! صدقني وهرب بعيدًا وكنت أحمل آيس كريم ورميته به! مرت السنوات وعرفت أن ذلك الطفل الشرس أصبح غني من تجارة الإبل وأنا لم أسافر لأمريكا ولم أهنأ بالآيس كريم ولم أتعلم الكاراتيه.


أمريكا بعيدة والسفر لها صعب آنذاك بالنسبة لي. كنت أقرأ كتاب "تسكع في أمريكا اللاتينية" ووصف الكاتب دبي بمدينة التحدي! تحدي؟ كلمة اعتدت على عيشها وظيفيًا ولم أعش في حياتي مغامرة صعبة وأنا أحلم منذ صغري بالألعاب الخطيرة والمنزلقات السريعة والأشد انحدارًا في العالم وأتمنى تجربتها. بعد بحثي عن دبي اكتشفت بأني ظلمتها كثيرًا، فكانت الصورة في مخيلتي أن دبي مطاعم ومقاهي وأسواق فقط! بدأت بادخار جزء من رواتبي واقنعت أهلي بالسفر لدبي في يوليو وعند وصولي كتبت " اعمل حتى تحترق وتعرف أنك تستحق إجازة"


نظمت جدول الرحلة باختيار أكثر الاماكن والألعاب خطورة وإثارة، غصت بحثًا عن اللؤلؤ، سبحت في الخليج العربي، ركبت أسرع وأخطر الافعوانيات، جربت أشد المنزلقات انحدارًا وصعوبة. عندما أدخل المكان، أسأل العاملين فيه ماهي أخطر لعبة؟ وقبل أن ينهي كلامه أجد نفسي فيها. في الحقيقة أنا لست شجاعة بل العكس أخاف جدًا، ولكن شعور الرغبة في التجربة يفوق شعور الخوف بأضعاف. إذا تحديت خوف واحد من مخاوفك، يسهل عليك تحدي مخاوفك الباقية، أخاف من المرتفعات ولازلت أخاف منها ولكن كلما تحديت خوف من مخاوفي أعرف بعدها أنّي سأتحدى مخاوف أعظم. حكومة الإمارات حكومة عملت كل شيء، ولن تصدقوا أن جميع هذه الأماكن التي زرتها كانت نسائية بالكامل! من طاقم وأمن ومنقذات نساء. يخصصون يوم أو يومين في الاسبوع للنساء، أم تسبح مع أطفالها ومجموعة من الصديقات يلعبن كرة القدم على الشاطئ. الجميع سعيد جدًا ولا أعلم حقيقة هل من فرط سعادتي كنت أرى الجميع سعداء أم أن العالم فعلًا سيكون سعيد بدون رجال.


الأصدقاء المتخرجين حديثًا من الجامعة والباحثين عن عمل، ما تعيشونه الآن هو وقت تخبط وتفكير في اللا شيء، لا تعلم ماذا تفعل ولا لأين تتجه؟ ثق بالله واعرف أن الله حدد مسارك وطريقك ومتى ستحصل على عمل ولكن يريد منك أن تبحث. جهز سيرة ذاتية منظمة ومرتبة وابتعد عن حشوها بكلام ودورات ليس لها علاقة بمسارك؛ صاحب العمل لا يريد تضييع وقته ولن يعرف ماذا تريد أن تصل له. السيرة الذاتية يجب أن تكون مريحة للعين وسهلة القراءة ذو تصميم كلاسيكي يُرضي جميع الأذواق وابتعد كل البعد عن تصاميم الإنفوجرافيك المبالغ فيها. عرف باسمك وبتخصصك والدورات أو الإنجازات التي حصلت عليها سواء في مشاركة في نادي في الجامعة أو فوز في مسابقة ما. مشروع تخرجك أيضًا يعتبر من الإنجازات ومن المهم جدًا إضافته لسيرتك الذاتية. احذر من كثرة الشهادات المبالغ فيها، ولكن لو افترضنا إنك مهتم بالترجمة أو التصميم أو البرمجة وفي المقابل لديك اهتمام بالتدريس أو الإدارة؟ في هذه الحالة اجعل كل وظيفة لها سيرتها الخاصة بها. مثلًا وظيفة المترجم اكتب فيها الدورات التي حصلت عليها في مجال الترجمة، وظيفة المصمم أرفق مع سيرتك الذاتية نماذج لأعمالك. شخصيًا حدث معي ذلك، تقدمت لوظيفة كاتبة محتوى وأرفقت نماذج من أعمالي ورد علي صاحب العمل بأنه تم قبولي بسرعة لتوفر نماذج من أعمالي. وإذا كنت مهتم بالمجال الإداري، اضف لسيرتك الذاتية دورات في السكرتارية أو الموارد البشرية أو أي مجال له علاقة بالإدارة. لنفترض أن شخصًا ما، قدم على وظيفة مترجم وكتب في سيرته الذاتية أنه حضر دورة في تطوير الذات أو في الإسعافات الأولية، أنا كصاحب عمل لن أهتم بهذه الدورات ولن تميز المتقدم عن غيره من المتقدمين.  ركز على مسار واحد وافصل كل مجال عن الآخر. خلال الثلاث الأشهر التي تلت تخرجي مباشرة كنت أرسل نفس السيرة الذاتية إلى عدد كبير من الوظائف المختلفة في مهامها ومضمونها، ولكن بالطبع وكما ذكرت هذه الطريقة خاطئة جملة وتفصيلًا. بعدها فصلت كل مجال عن الآخر وأرفقت نبذة تعريفية عني في البريد المرسل، النبذة التعريفية عنك هي التي تجعل مسؤول التوظيف يتطلع للقائك ومكالمتك. مثلًا مرة كتبت "أنا قارئة نهمة وكاتبة محتوى إبداعي وتسويقي، أعشق الكتابة والتعبير وتوصيل الأفكار بطريقة سهلة ومُعبرّة. أتمنى منحي الفرصة وتجربة كتاباتي" النبذة التعريفية تُخرج المسؤول من جمود السيرة الذاتية وتُعرّف المسؤول عن طالب العمل كشخص وليس كموظف، ماذا يحب وماذا يجيد وكيف يفكر.


عدت من دبي وأرسلت لصديقتي التي أرسلت لي إعلان الوظيفة رسالة مطبوعة أشكرها وأخبرها بأحداث الرحلة المجنونة ومعها أنواع غريبة من رقائق البطاطس اشتريتها لها من دبي، ولأني أعرفها جيدًا عرفت نوع الهدية التي تحب، فلو وجدت رقائق بطاطس مستخلصة مكوناتها من أشجار الأمازون ومخلوطة بأعشاب من الصين لجربتها بكل سرور. انتهى عقدي مع شركتي التي أدين لها بالشيء الكثير، تواصلت مع شركة أخرى وأبدوا إعجابهم فيني وجهزت لهم محتوى وسيناريو واتفقنا على كل شيء بالتفصيل ولكن للأسف ولعلها خيرة تم إلغاء المشروع. تعرضت للنصب مرتين ولكن ولله الحمد انتبه في اللحظات الاخيرة قبل إرسال معلوماتي البنكية والشخصية. الفرص وفيرة والذي تبحث عنه يبحث عنك أيضًا!


الفترة الأخيرة ظهرت موضة التشاؤم بين الناس في مواقع التواصل الاجتماعي ومن يحاول أن يكون إيجابي لنفسه وللآخرين، يتعرض لسيل من السخرية والضحك. والغريب أن شخص ما أعرفه يكتب عن التشاؤم والسلبية والواقع المرير وانعدام الفرص الوظيفية والواسطة ويسعى لنشر سلبيته ، وعندما حصل على وظيفة تغير أسلوبه وأصبح إيجابي ومرح ويكتب كلمات محفزة، ماذا عن ضحاياك؟ ماذا عن الناس الذين تأثروا بكلماتك وخلقت فيهم التشاؤم وفقدان الامل! أتفهم موقفه السلبي أثناء عطالته ولكن قل خيرًا أو اصمت. البعض لديهم فرص وظيفية ولكن بكثرة التشكي وفقدان الثقة بالله ثم بأنفسهم تجعلهم لا يتحركون خطوة واحدة. لا تعتقد أنك ستحصل على ما تريد خلال فترة وجيزة، ربما يأخذ الأمر سنة أو سنتين أو حتى أكثر. لا تعتقد أن طريقك سيكون مفروش بالورود وأن الجميع سيصفق لك ويساعدك ويوفر لك فرص وظيفية لا أحد يهتم! ولكن إذا سطع نجمك الجميع سيراك. المحزن والمضحك في نفس الوقت أنه يوجد أشخاص يريدون الحصول على عمل ولكن لا يوجد لديهم سير ذاتية! كيف بالله عليك يا عزيزي الباحث عن عمل أن تحصل على وظيفة ولا يوجد لديك سيرة ذاتية وهي أساس الحصول على وظيفة؟ أعلم بأن الواسطة والفساد تنخر في المجتمع نخر وتضرر كثير من الأشخاص منها ولكن اتهامك بأن الجميع حصلوا على وظائفهم بالواسطة غير صحيح، الواسطة موجودة ولكن ليست كل شيء. لا ترمِ بكسلك على الآخرين ولا تحملهم ضعف همتك، واعلم أن جلوسك وندب حظك وفقدانك للأمل هو سوء أدب مع الله! "فكيف تخاف الفقر وأنت عبد الغني؟" الله سبحانه وتعالى كتب رزقك وسير حياتك من قبل أن تُخلق ولكن العمل هو مفتاح الحصول على أبواب الرزق. كل إنسان فينا يعمل حسب توقيته الزمني، وقتي بدأ في عام 2018 وآخر وقته سيبدأ في عام 2020 أو 2021 ولكن هل يُعقل أن تنتظر وقتك حتى يطرق باب غرفتك ليبدأ؟

Twitter: Hamsa_ds

تعليقات

  1. انتي مُلهمة بارك الله فيكِ ♥️

    ردحذف
  2. تخرجت لي ستة اشهر ونفسيتي جد تعبانة وانا اللي كان متنفسي الوحيد الدراسة والجامعة والان ولاشي بس معرف ليش دخلت على مدونتك وقريت هالكلام شكرا شكرا شكرا مرة الله يسعدك ويوفقك💓💓

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تطور من مهارة التحدث؟

كيف تتعلم اللغة الإنجليزية بطريقة صحيحة وأكاديمية