قصة روان في الحصول على وظيفتين!
أكثر ما يلهم الناس للعمل ويحفزهم ويستوقفهم في هذا العالم المليء بالقصص والأحداث هو أن يجدوا شخص عاش مثلهم ومر بما مروا به، كأن يعيش معهم في نفس المدينة أو درس معهم في نفس المدرسة أو حتى قرؤوا عنه في أحد الكتب أو مواقع التواصل الاجتماعي. القصص التي نسمعها في برامج التلفاز أو نقرأ عنها في الكتب لأشخاص نجحوا في الثمانينات أو السبعينات أو منذ وقت طويل لن تحقق أثر كبير علينا لفرق العمر والزمن مثلما تؤثر علينا القصص التي نسمعها أو نقرأها عن أشخاص يعيشون معنا وبيننا، لذا شعرت بأن زميلة الدراسة روان الزهراني قد تكون مصدر إلهام ودافع للكثير من الراغبات في دخول مجال العمل عن بعد وتحديدًا التسويق الالكتروني.
قصة اليوم هي عن روان، فتاة سعودية تعيش في محافظة وادي الدواسر جنوب العاصمة السعودية الرياض ، استطاعت باصرارها المستمر أن تحصل على عمل عن بعد في مجال التسويق الالكتروني وتحديدًا كتابة المحتوى والتصميم لمنشورات مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر دخل ثان لها.
الموازنة بين العمل الحضوري والعمل عن بعد والدراسة
تعمل روان كمسوقة في إحدى المراكز الطبية في النهار وتعمل عن بعد في مجال صناعة المحتوى في الليل وتدرس دبلوم تسويق عن بعد. بالطبع جميع هذه الأعمال تسبب ضغط في حياة الشخص ولكن بتنظيم الوقت ووضوح الهدف والرغبة الشديدة في التطوير جعلت يومها يمضي بترتيب منظم.
"اخصص وقت الصباح لحضور دروس الدبلوم حتى اطبق ما أتعلمه في المحاضرات على عملي المسائي الذي يبدأ الساعة الثانية ظهرًا ووقت الليل اخصصه لتجهيز المحتوى لمواقع التواصل الاجتماعي لليوم التالي"
كورونا.. صانع الفرص
عندما تشارك الزهراني منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي. تهتم باظهارها بشكل فني وجمالي لذا شعرت بأن هناك فرصة كبيرة لها للإنضمام والعمل عن بعد في مجال صناعة المحتوى، المجال الخصب والمتعدد الفرص، "حاولت التواصل عدة مرات مع أحد الأشخاص للحصول على عمل عن بعد ولكن لم يكن على استعداد بتوظيف فريق عن بعد، ولكن مباشرة بعد جائحة كورونا عرفوا أن العمل عن بعد خيار لا يفرق عن العمل داخل مقر الشركة وتواصلوا معي مرة أخرى بعد الأزمة لإدارة الحسابات الخاصة بالمطعم الذي يمتلكه.". وكما نرى أن جائحة كورونا عرّفت شريحة كبيرة من الناس بهذا النوع من العمل، لأن معظم الشركات كانت تعمل عن بعد مما جعلهم يدركون أهمية هذا النوع من العمل.
واجهت الزهراني تحديًا كبيرًا في كتابة المحتوى بطريقة مقنعة وجاذبة للجمهور المستهدف "في البداية كنت أكتب بشكل عادي ولكن مع الوقت واجهتني مشكلة وتحدي كبير في كيفية الكتابة بطريقة تسويقية مقنعة تدفع الناس للشراء أو دفعهم إلى اتخاذ إجراء Call to action " ولكي تتغلب. على هذه المشكلة، وجدت إعلانًا لدبلوم تسويق يُقدّم عن بعد من جامعة الملك سعود، وانتهزت الزهراني الفرصة للتسجيل فيه وقامت بتطبيق ماتتعلمه في الدبلوم من استراتيجيات ومهارات التسويق والعديد من الأمور على عملها في مجال العمل عن بعد والتسويق وستحصل الزهراني على شهادة إكمال الدبلوم قريبًا.
جائحة كورونا غيرت مفاهيم كبيرة في مجال التعليم وجعلت بعض الجامعات الرئيسية والكبيرة مثل جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى الاتجاه لتقديم دبلومات بشكل كامل عن بعد، وبذلك توفرت الفرص للكثير من سكان المناطق البعيدة للحصول على شهادات متقدمة في مجال الذي يرغبون فيه.
المشكلات كمنطق لتعلم المهارات
كيف أطور من نفسي؟ ماهي المهارة التي تتطلب مني تطويرها؟ أسئلة تسألها نفسك دائمًا وسألت الزهراني نفسها هذا السؤال أيضًا "عندما أواجه مشكلة في عملي أو تحدي أجد نفسي أبحث واتعمق في البحث كثيرًا حتى تتكون لدي صورة واضحة عن الحل ويوم بعد بعد يوم لاحظت تطور في مهاراتي التي بدأت أساسًا من رغبتي في حل مشكلة" حصلت الزهراني على دورات عن بعد في مجال التسويق الالكتروني وكتابة المحتوى وخدمة العملاء ومهارات التواصل، لأنها خاضت التجربة أولًا ثم عرفت ماذا تحتاج.
من تجربتي الشخصية في حياتي العملية وفي تطوير مهاراتي، كنت دائمًا ما أقف عاجزة عن معرفة ماذا ينقصني لأتعلمه أو أطور من نفسي فيه ولكن انغماسي في تحديات العمل عن بعد وطلبات العملاء وجدت نفسي أعرف نقاط ضعفي وماذا أحتاج لأتطور وبالفعل سرعان ماأبحث عن حل وأجده.
من الأمور التي شددت الزهراني على أهميتها في مجال تطوير المهارات هي تعلم اللغة الإنجليزية " في الجامعة تخصصت في قسم اللغة الإنجليزية وساعدتني دراستي باللغة الإنجليزية على تطوير لغتي وحاليًا عندما أبحث عن معلومة أتجه بشكل كامل للبحث عنها في المصادر الأجنبية لما فيها من إثراء وتنوع في المحتوى"
نصيحة للراغبين في مجال العمل عن بعد
اقنعت روان أحد الأشخاص بطلب التعاون معه لإدارة حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الرغم من أنها كانت مبتدئة في هذا المجال إلا أنها استطاعت اقناعه "لاتبالغ في التردد والتخوف من قلة مهاراتك، عالم العمل عن بعد وصناعة المحتوى مجال واسع جدًا. ابدأ فقط وأثناء عملك وحصولك على مهام ستتطور مهاراتك بشكل كبير" مهما كنا على استعداد كامل وخبرة كبيرة في مجالنا إلا أن كل عمل يسند إلينا يختلف تمام الاختلاف عما تعلمناه نظريًا، لذا حتى لو كنت مبتدئ أعط نفسك الفرصة وابدأ العمل.
مستقبل العمل عن بعد
الوظائف التقليدية لم تعد الخيار الأول للعمل ولم يعد العمل عن بعد مجرد قضاء وقت وفترة انتظار للحصول على أحد الوظائف التقليدية، "الوظائف الحكومية والتي تتطلب حضورًا ودوامًا كاملًا أصبحت شحيحة جدًا وخصوصًا في المدن الصغيرة والمناطق النائية، لذا مجال العمل عن بعد لابد أن يكون خيارك الأول في الحصول على عمل لما فيه من فرص كبيرة ومجال واسع للتطوير منه واستحداث أفكار تستطيع الاستفادة منها عن بعد"
كيف حققت استقلاليتها المادية؟
عملها في مجال التسويق الالكتروني حقق لها استقلال مادي تام "لن يعي الأشخاص الذين يقللون من شأن الربح في العمل عن بعد، إلا إذا خاضوا التجربة بأنفسهم" ومن الأمور الجيدة التي حققها لها العمل عن بعد هو أنها استطاعت الحصول على وظيفة بدوام كامل بعد رؤية أصحاب الأعمال لنماذج أعمالها وطريقتها في صناعة المحتوى.
حصولك على عمل عن بعد بتطلب منك تجهيز ملف متنوع بأعمالك في المجال الذي ترغب في العمل فيه. فلو كنت مهتم بالعمل في مجال صناعة المحتوى، قم بتصميم ملف يحتوى على أمثلة تغريدات ومقالات وتصاميم بسيطة تظهر مهاراتك في مجالك. في العمل الحضوري المقابلة هي المفصل في القبول من عدمه أما في العمل عن بعد نماذج أعمالك هي السبب الرئيسي إقناع أصحاب الأعمال فيك.
قصص النجاح لا يجب أن تكون نهايتها مثل نهاية القصص التي نقرأها في كتب تطوير الذات، حيث أنه في نهاية كل قصة نجاح يصبح الشخص معروفًا ولديه الكثير من الأموال وعدد لا محدود من الموظفين يعملون تحت إدارته. يجب علينا أن نعيد تعريف النجاح ليلائم مسار حياتنا، فقد نكون نعيش قصص نجاح مثل قصة روان ولكن لا نعي ذلك لأنه تم تحديد معايير للنجاح لنا.
تعليقات
إرسال تعليق